للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ): وهو يوم الجزاء، والمراد من التصديق به: الإِتيان بأَعمال الطاعات البدنية فوق الاعتقاد القلبي.

(مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ): أَي: خائفون وجلون مع ما قدموا من عمل صالح.

(فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ): المتجاوزون الحلال إِلى الحرام.

(لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ): لا يُخِلُّوْنَ بشيءٍ مما اؤتمنوا عليه ولا مما أَعطوا عليه العهد للوفاء به.

التفسير:

٢١،٢٠،١٩ - {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١)}:

هذا إِخبار من الله - تعالى - عن الإِنسان، وعما هو مجبول عليه من أَخلاق ذميمة، إِلا من عصمه الله - سبحانه - ويراد بالإِنسان الجنس، أَو الكافر، أَي: شأَنه وطبيعته أَن يكون سريع الجزع إِذا مسه شر وضر أو لحق ضيق وعنت، شديد الحرص والمنع إِذا صادفه رخاء ويسر (١).

سئل ابن عباس عن الهلوع، فقال: هو كما قال الله تعالى: (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا)، وسأل محمد بن عبد الله بن طاهر ثعلبًا عنه، فقال: قد فسره الله تعالى ولا يكون تفسير أَبين من تفسيره سبحانه، يعني قوله تعالى: (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا) الآية أَي: إِذا مسه الفقر أَو المرض ونحوهما كان مبالغا في الجزع مكثرا منه، لا صبر له على ما نزل به يتجرعه حزينًا كئيبًا تكاد تتقطع نفسه، وينخلع قلبه. قال الراغب: الجزع أَبلغ من الحزن؛ فإِن الحزن عام، والجزع حزن يصرف الإِنسان عما هو بصدده، ويقطعه منه لقوة أَثره فيه حتى صرفه عمَّا عداه.

(وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) أَي: كان مبالغًا في البخل والإِمساك، لا ينفعه في طاعة، ولا يعرف فيه حق الله، أَخرج الإِمام أَحمد بسنده عن عبد العزيز بن الحكم قال: سمعت أَبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ شُحٌّ هَالِعٌ، وَجُبْنٌ خَالِعٌ".


(١) لإيثاره الجزع والمنع وتمكنهما منه جعلا كأَنهما أَمر خلقي وضروري غير اختياري.

<<  <  ج: ص:  >  >>