قلنا: إن أُم مريم، مضت في نذرها مع وليدتها الأُنثى، مخالفة بذلك مألوف قومها: من أن خادم بيت المقدس يكون من الذكران.
وهنا، تصريح الآية: أنه تعالى، تفضل فقبل منها مريم قبولاً حسنًا، وفاءً بنذرها، لما تعلقت به مشيئته من أُمور عظيمة، ترتبط بوليدتها الأُنثى.
والقبول الحسن منه تعالى: أنه اختصها - دون سواها - بإقامتها مُقَام الذكر في خدمة بيت المقدس.
وكما تقبل الله مريم في خدمة البيت لأَمر يعلمه، أنبتها ورباها تربية حسنة، إذ نشأت على طاعة الله تعالى.
وقد ساعد على ذلك: أنه تعالى، جعل زكريا ﵇ كافلا لها؛ لتقتبس منه العلوم والمعارف، ولتمضِيَ على سنته من الصلاح والتقوى. وكان زَوْجَ أُختها، كما ورد في الصحيح "فإذا بيحيى وعيسى وهما ابنا الخالة" ويحيى: ابن زكريا ﵉.
وهكذا تهيأَت لها البيئة الصالحة، كما تهيأَت لها الوراثة الصالحة. فكانت سيّدة نساءِ العالمين.
وذكر ابن اسحق وابن جرير: أن زكريا، كان متزوجا خالة مريم. ويجمع بينهما، بأن خالة الأُم لولدها. والسبب في كفالته لها: أن أباها كان متوفيا. أو أن السَّنةَ كانت جدباء ذكر ذلك ابن اسحق.