هذه الآيات شروع في جانب من قصة إبراهيم بعد الفراغ من قصة نوح ﵉ وقصة إبراهيم متعددة الجوانب، كثيرة الأحداث - وقد جاءت في سور كثيرة من سور القرآن وكلها تعتمد الجانب العقدي أولا ثم تنتقل إلى الغرض الذي اختص بسورته ما عدا ما جاءَ في سورة الأنعام، فقد اختص بالجانب العقدي والتفكير في ملكوت السموات والأرض وخالقهما ومسخّرهما حتى خلص بإبراهيم ﵇ من هذا إلى توحيد الله، وتوجيه وجهه إلى الذي فطر السموات والأرض.
أما السور الأُخرى التي جمعت بين الكلام على العقيدة والتوحيد وجوانب أُخرى فكثيرة في القرآن الكريم مع اختلاف في العرض والتصوير، والتطويل والتقصير. من ذلك ما جاء في سورة البقرة من رفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت، والاتجاه إلى الله أن يتقبل منهما وأن يباركه، ويبارك ذريتهما.
وما جاء في سورة مريم من حواره مع أبيه: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (٤٢)﴾؟ (١) ومما انتهى إليه أمر أبيه من رفض الإيمان حتى اضطر إبراهيم ﵇ إلى اعتزاله.
وما جاء في سورة الأنبياء من تسفيه قومه على عبادة الأَصنام، وعلى الضلال الذي يعيشون فيه، وما انتهى إليه أمره من الكيد للأصنام، وتكسيرها، وكيد قومه له بإلقائه في النار التي جعلها الله عليه بردا وسلامًا، وردّ كيدهم عليهم فكانوا هم الأخسرين.