للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

١٢٨ - ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ … ﴾ الآية.

تحدثت الآية السابقة، عن أَن دار السلام مثوى المؤمنين.

وجاءَت هذه الآية لتبين أَن النار مثوى الكافرين.

والمعنى: وِذَكِّر الخلائقَ - يا محمد - يوم يحشر الله الثقلين - جميعا - إِلى ساحة القيامة، فيوبِّخ شياطين الجن قائلا لهم: يا جماعة الجن المفسدين، قد استكثرتم من إِغواءِ الإِنس وإِضلالهم، فلم تكتفوا بضلالكم وكفركم، بل تجاوزتموه إِلى إِغواءِ الإِنس، حتىَ وَالَوْكُم وَتَبِعوكم.

﴿وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ﴾:

أَي وقال أَولياؤهم الذين تبعوهم، وتأَثروا بإِغوائهم من الإِنس ربنا استمتع بعضنا ببعض، فقد سمعنا لإِغوائهم، ومتَّعنا أَنفسنا بإِشباع شهواتنا، بما زينوه لنا من الآثام، واستمتعوا هم بنجاحهم في إِضلالنا عن سبيل الرشاد والصواب: فمِنَّا من كذبُوا رسلك، وأَنكروا الآخرة وما فيها من بعث وحساب وجزاءٍ … ومِنَّا من ارتكب - دون ذلك - من الآثام.

وبعد هذا الإقرار الذي لم يجدوا عنه محيصا، قالوا - في ندامة وحسرة:

﴿وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا﴾:

أَي: وصلنا إلى يوم القيامة، الذي أَجَّلته لحسابنا وجزائنا، حيث بُعثنا، وظهرت لنا قبائح أَعمالنا التي نستحق العقاب عليها، لتركنا صراطك المستقيم.

﴿قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾:

قال الله تعالى: يخاطب الجن والإِنس، بعد اعترافهم بقبائحهم: النار مقركم ودار إِقامتكم، خالدين فيها، لا تخرجون منها، إلا من شاءَ الله إِخراجه، من الذين كانت آثامهم دون الكفر. . فإِنهم يخرجون منها، عندما يتفضل الله تعالى، بالإِذن بخروجهم.