البرهان واعترافهم بما يلزمهم الحجة، أو قل: الحمد لله على العصمة مما هم عليه من الضلال فيكون كالحمد عند رؤية المبتلى. ويجوز أن يكون حمدًا على هذا وذاك ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ أي: بل أكثرهم لا يتدبرون بما فيهم من عقول فيما نريهم من الآيات ونقيم لهم من الدلالات، أو: بل أكثرهم ليسوا من أهل التعقل والتدبر.
﴿لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾: لهي الحياة الدائمة الخالدة التي لا موت فيها، والحيوان: مصدر حَييَ، كالحياة، وأصله: الحَيَيَانُ، قلبت الياء الثانية واوًا، وفي بناء المصدر على فَعَلان زيادة معنى لما يفيده من الحركة والاضطراب؛ لأن الحياة حركة، والموت سكون.
الإشارة في قوله - تعالى -: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ للتحقير.
والمعنى: وما هذه الحياة الدنيا الفانية التي يتشبث بها المشركون إلاَّ لهو يلهو به الكبار في غفلة وعَمَهٍ، ولعب يلعب به الصغار في عبث وبهجة، ثم لا تلبث أن تزول:
﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾: لهي الحياة الدائمة الخالدة التي لا فناء لها ولا موت فيها، ولا يكدر صفوها ولا ينقطع نعيمها ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾): أي لو كانوا أهلا للعلم والمعرفة، أو: لو كانوا يعلمون ذلك ويفقهونه لما آثروا عليها الدنيا الفانية.