لَمَّا أَقسم رأس النفاق عبد الله بن أَبيّ بن سلول أَنه ما دعا قومه إِلى منع الإِنفاق على فقراءِ المسلمين حتى ينصرفوا عن رسول الله ﷺ ويرتدوا إِلى الكفر، وأَنه ما قال عند رجوعه إِلى المدينة: ليخرجنَّ الأَعز منها الأَذل، وقصد بالأَعز نفسه ومن على شاكلته من المنافقين، وعنى بالأَذل رسول الله ﵊ والمسلمين، وقال الحاضرون: يا رسول الله شيخنا وكبيرنا لا تصدق عليه كلام غلام عسى أَن يكون قَدْ وَهِمَ، وأَن رسول الله ﷺ قال لزيد بن أَرقم استيثاقا من كلامه (لَعلَّكَ غضبت عليه)؟ قال: لا قال: (فلعله أَخطأَ سمعك؟) قال لا قال: (فلعله شبه عليك)؟؟ قال لا فلما نزلت (إِذَا جَاءِكَ الْمُنَاِفقُونَ) لحق رسول الله ﷺ زيدًا من خلفه فعرك أَذنه قال: (وفت أُذنك يا غلام إِن الله صدقك وكذب المنافقين) قيل لعبد الله بن أَبي بن سلول: لقد نزلت فيك آي شداد فاذهب إِلى رسول الله ﷺ يستغفر لك فلوى رأسه ثم قال: أَمرتموني أَن أُومن فآمنت وأمرتموني أَن أَزكي مالي فزكيت فما بقي إِلَّا أَن أَسجد لمحمد فنزلت: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ … ) الآية:
والمعنى: وإِذا قيل لهذا المنافق وأَضرابه كالجد بن قيس، ومعتب بن قشير تعالوا وأَقبلوا تائبين متعذرين عما بدر منكم من سيء القول وسفيه الحديث - يطلب لكم رسول الله ﷺ من ربه - جلت قدرته - أَن يصفح ويعفو عنكم أَبوا وأَمالوا رءُوسهم إِعراضًا واستكبارًا أَو حركوه استهزاءً وسخرية (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) أَي: وأَبصرت منهم أَو علمت من أَمرهم إِعراضًا عن اتباعك ومنعًا وإِبعاد لسواهم عن ذلك، وختمت الآية الكريمة بقوله تعالى:(وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) للإِشعار بأَنهم لم يكرههم غيرهم ولم يجبرهم سواهم على ما فيه من كفر ونفاق وصدّ وإِعراض وإِنما كان حالهم وشأنهم أَنهم في أَنفه وعناد واستكبار.