للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٨٢ - ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ … ﴾:

أي شفاءٌ لما في الصدور من شك ونفاق، وزيغ وشرك، وذلك بتخليصها من مرض الجهل، وداء العناد، وشهوة الإعراض حتى تستبين الأمور الدالة على الله تعالى، فالقرآن في تقويم النفوس، وتنقية القلوب كالدواء الشافى للمرضى، وهو جميعه كذلك. ويرى بعض العلماء أَنه يستشفي به من الأمراض الظاهرة، استنادا إلى حديث صحيح في ذلك، قال القرطبي: روى الأئمة واللفظ للدارقطني عن أبي سعيد الخدري قال: (بعثنا رسول الله في سرية ثلاثين راكبًا، قال فنزلنا على قوم من العرب، فسألناهم أن يضيِّفونا فأبوا - قال: فلدغ سيد الحي، فأتونا فقالوا: فيكم أحد يرقى من العقرب؟ إن الملك يموت. قال.: قلت أنا - نعم، ولكن لا أَفعل حتى تعطونا، فقالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة. قال: فقرأت عليه "الحمد لله رب العالمين" سبع مرات فبرأ، فبعث إلينا بالنُّزل (١)، وبعث إلينا بالشاء (٢)، إلى آخر الحديث.

﴿وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾: هو رحمة لهم، ففيه بواعث الإيمان والحكمة، والرغبة في كل فضيلة ومكرمة، فتعمهم بالعمل به الرحمة التي تشمل تفريج الكروب. وتكفير الذنوب ومضاعفة الأجور.

﴿وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾: أي ضلالا وهلاكا لتكذيبهم المتتابع، وكفرهم المتكرر بكل آية يوحى بها، وإسناد الزيادة المذكورة إلى القرآن، باعتبار كونه سببها حيث تمادوا في كفرهم به وتكذيبهم له كلما أُنزل، وفي ذلك يقول الله تعالى في سورة فصلت: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ (٣).


(١) النزل: بوزن القفل؛ الطعام الذي يهيأ للضيف الذي ينزل بك.
(٢) الشاه: هي الغنم التي جعلوها لهم عطاء وأجرا علي رقيا الملك الملدوغ.
(٣) سورة فصلت: الآية ٤٤.