للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٦٩، ٧٠ - ﴿إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ﴾:

تعليل لاستحقاقهم ما ذكر من فنون العذاب، بتقليد الآباء في أصول الدين من غير أن يكون لهم ولا لآبائهم شيء يستمسك به أصلًا، أي: صادفوهم ضالين في نفس الأمر، ليس لهم ما يصلح شبهة، فضلا عن صلاحية كونه دليلًا، وكانوا في اتباعهم آباءَهم مسرعين إسراعًا شديدًا، كأنهم يُحَثُّون على ذلك حثًّا، وقد فعلوا ذلك من غير أن يثبت لديهم أن آباءَهم محقون في حين أنهم على الباطل بأَدنى تأمل.

٧١، ٧٢ - ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ﴾:

أي: ولقد ضل قبل هؤلاء الظالمين وهم قريش - ضل قبلهم - أكثر الأولين من الأمم السابقة، حيث جعلوا مع الله آلهة أخرى، وهو جواب قسم مقدر، وكذا قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ أي: والله لقد أرسلنا في الضالين عددًا كثيرًا من الأنبياء بينوا لهم بطلان ما هم عليه. وأنذروهم، وحذروهم عاقبته الوخيمة التي يصيرون إليها وهي النكال الشديد والعذاب الأليم، وتكرير القسم في الآيتين لإبراز كمال الاعتناء بتحقيق مضمونهما.

٧٣ - ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ﴾:

من الهول والفظاعة حيث لم يلتفتوا إلى الإنذار، ولم يتأَثروا به، ويرفعوا له رأسًا، فأَهلكهم الله ودمرهم ونجى المؤمنين ونصرهم.

والخطاب لرسول الله أو لكل أَحد يتمكن من مشاهدة آثارهم، ولما كان المعنى أنهم أهلكوا هلاكًا فظيعًا استثنى منهم المخلصين بقوله - تعالى -:

٧٤ - ﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾:

وهم الذين استخلصهم الله من الكفر للإيمان والعمل الصالح، بموجب الإنذار أَو الذين أخلصوا لله دينهم على القراءتين بفتح اللام وكسرها، فهو استثناء من المنذرين في الآية السابقة، أو استثناء من قوله - تعالى -: ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ﴾.