أَي دعا داعٍ وطلب كافر من كفار مكة لنفسه ولقومه نزول عذاب، من قولهم: دعا بكذا إِذا استدعاه وطلبه، والسائل هو النضر بن الحارث، فإنه لمَّا خوَّفهم رسول الله ﷺ نزول العذاب قال - استهزاءً وإِنكارًا -: (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)(١) فكانت عاقبته العاجلة في الدنيا - جزاء استخفافه واستهزائه - أَن أُهلك يوم بدر فضلًا عما ينتظره يوم القيامة من نكال هو أَشد وأَنكى.
وقال بعضهم: هذا المسائل هو رسول الله ﷺ وكان قد استعجل عذاب الكافرين، فبيَّن الله له أَن هذا العذاب واقع بهم ولا دافع له، قالوا: والذي يشير إِلى هذا التفسير قوله بعد ذلك: (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا) وهذا يدل على أَن ذلك السائل هو الذي أَمره الله بالصبر الجميل.
وهذا العذاب نازل بالكافرين في الآخرة لا محالة، وواقع بهم سواءٌ طلب أَو لم يطلب ولا يدفعه عنهم أَحد؛ لأَنه من جهته - تعالى - وهو صاحب الدرجات والمصاعد التي تصعد فيها الملائكة والروح وهو جبريل ﵇ أَفرد بالذكر لتميزه وفضله، وقال مجاهد: الروح ملائكة حفظة للملائكة الحافظين لنبي آدم لا تراهم الحفظة كما لا نرى نحن حفظتنا، وقيل: ملك عظيم الخلقة يقوم وحده يوم القيامة صفًّا ويقوم الملائكة كلهم صفًّا. وهؤلاءِ الملائكة والروح تعرج وتصعد من سماءٍ إِلى سماء إِلى عرش الرحمن حيث تهبط منه أَوامره - سبحانه - وقيل: المراد من المعارج هي الفضائل والنعم لأَن لوجوه إِنعامه وأَياديه - جل شأنه - درجات وهي تصل إِلى الناس على مراتب مختلفة فهم في نعم الله عليهم متفاوتون.