للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تبعهم وسار في أثرهم، حتى إذا استُكْمِلُوا دخولا، خرج موسى بمن معه إلى الشاطئِ الشرقى من البحر سالمين، ولم يخرج أَحد من فرعون وجنوده، حيث حاق بهم ما كانوا به يستهزئون ويراد بالبحر: بحر القلزم وهو المعروف الآن بالبحر الأَحمر ﴿فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾: أَي فعلاهم وغمرهم ما غمرهم، من الأمر الهائل المروع الذي يعجز البيان عن وصفه، حيث انطبق عليهم الماءُ فأَغرقهم فهلكوا جميعًا، ونجى الله فرعون وأَبقاه ببدنه خاليًا من الروح في اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبنى إسرائيل من الغرق، ليراه بنو إسرائيل بعيونهم، فيطمئنوا ويؤْمنوا بهلاكه، وكانوا من ذلك في شك مريب، ولتكون قصته آية وعلامة لمن وراءَه من أَهل عصره ومن يأْتى بعده. تبين لهم العاقبة المحتومة لكل جبار عنيد، وإِلى ذلك يشير قوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾ (١).

٧٩ - ﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى﴾:

أي وأَضلهم عن الرشد، وما هداهم إلى الخير بل سلك بهم مسلكًا أَوصلهم إِلى الهلاك في الدنيا والآخرة. حيث أُغرقوا فأُدخلوا نارًا خالدين فيها، والجملة تأْكيد لإِضلاله إِياهم.

﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾

[المفردات]

﴿الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾: الْمَنُّ مادة حلوة لزجة تشبه العسل، وكانت تنزل عليهم من الفجر


(١) سورة يونس، الآية: ٩٢