للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

١٥ - ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾:

تناولت الآيات السابقة تفرق الأُمم فيما جاءَهم به أنبياؤهم، والشك المريب الذي عاشوا فيه، ثم جاءت هذه الآية ترشد إلى رفض هذا السلوك السيء وتحث علي مدافعته واستئصاله، فالإشارة في قوله - تعالى -: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ) أي: فمن أجل ما ذكر من التفرق فادع إلى دين الحق الذي أنت عليه.

والمعنى: إذا كان الأَمر كما ذكر فلأَجل ذلك التفرق وما جر إليه من تشعب في الكفر، وشك مريب في مقدسات الدين فادع يا محمد إلى الاتفاق على الملة الحنيفية القديمة، والعقيدة السمحة القويمة (وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) واثبت على هذه الدعوة، والزم منهجها المستقيم (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ) الباطلة ولا تطاوع ميولهم الفاسدة، واحمل الناس كافة على إقامة ذلك الدين والعمل بموجبه، فإن تفرقهم في الدين وكونهم في شك مريب يحتمان الدعوة إليه والأَمر به.

(وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ) يعنى: دُمْ على الإيمان بكل كتاب من الكتب المنزلة من الله، لا تفرق بين كتاب وكتاب منها، ولا تقل: نؤمن ببعض ونكفر ببعض وفي هذا القول تحقيق للحق، وبيان لاتفاق الكتب في الأصول، وتأليف لقلوب أَهل الكتابين، وتعريض بهم حيث لم يؤمنوا بجميعها.

(وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) أَي: وأمرني ربي أن أَعدل بينكم في فصل القضايا والخصومات، وفي تبليغ الشرائع والأحكام، فلا أَخص بشئ منها شخصًا دون آخر، وقيل: لأسوى بيني وبينكم. فلا آمركم بما لا أعمله، ولا أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه.

(اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ) أَي: خالقنا وخالقكم، ومتولى أُمورنا وأُموركم، لا ندين إلا به ولا نخضع إلا لأَمره.