للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٥٤ - ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾:

بين الله في هذه الَاية؛ طريقة توبة اليهود عن عبادة العجل، إلتى استعقبت العفو عنهم.

والمعنى: واذكر يا محمد، لمعاصريك من اليهود، فضل الله عليهم، إذ أَمر نبيه موسى

فقال لآبائهم: يا قوم، انكم ظلمتم أنفسكم، إِذ عرضتموها لعقاب الله باتخاذكم العجل

إلها، فعبدتم تمثالا؛ نقربا إليه، مع أَنه- كأصله- مخلوق الله، ولا قدرة له على شئ

في نفسه ولا غيره، فتوبوا إلى الله الذي خلقكم وسواكم في أحسن تقويم، فَأَهلِكُوا

أنفسكم بالندم على هذه الجريمة، والإقبال على الطاعة له تعالى. ذلكم خير لكم عند

خالقكم في الآخرة، لما فيه من عظيم الثواب والبعد عن شديد العقاب .. إنه- تعالى- هو

الذى يقبل التوبة كثيرًا عن عباده، البليغ الرحمة بهم.

[مباحث الآية]

١ - ﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ﴾: البارئُ؛ هو الذي خلق الخلق بريئًا من التفاوت. قال الله

تعالى: ﴿ … مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ … ﴾ (١) فقد خلق الاعضاءَ متناسبة متميزا بعضها عن بعض، في الصورة والوظائف، وجعل كل عضو بقوم بوظانفه العجيبة على الوجه الأَكمل -دون عناءِ- في تعاون مع سائر الأعضاه، كما جعل الناس متمايزين في الصورة. حتى بعرف بعضهم بعضا. فلا ترى أحدًا بشبه الآخرمماما في صورته. إلى غير ذلك عن سباب الكمال في الخلق.

وصدق الله تعالى إذيقول في سورة (التين): ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾


(١) الملك - من الآية: ٣