وطريق التوفيق بين المذهبين أَن ما ذكر ابن عباس وقع أَولًا، فأَوحى الله إِلى رسوله بهذه السورة، ثم أُمر ﷺ بالخروج إِليهم بعد ذلك كما روى ابن مسعود.
هذا، وفي أمر الله رسوله أَن يظهر لأَصحابه ما أَوحاه الله إِليه به في واقعة الجن فوائد: منها أَن يعرف الصحابة أَنه ﵊ كما بعث إِلى الأَنس بعث إِلى الجن، وأَن تعلم قريش أَن الجن مع تمردهم لَمَّا سمعوا القرآن عرفوا إِعجازه فآمنوا بالرسول ﵊ وفي هذا تعريض بهم لأَنهم يعرفون ذلك فإِن القرآن الكريم قد نزل بلغتهم ولم يستطيعوا معارضته والإِتيان بمثله أَو بسورة من مثله مع تحديهم بذلك، ولكنهم - لظلمهم بآيات الله يجحدون، ومنها أَن المؤمن من الجن يدعو غيره من قبيله إِلى الإِيمان به (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ)(١)، ومنها أَن الجن يسمعون كلامنا ويفهمون لغاتنا.