للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

١٦١ - ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾:

بين الله في الآية السابقة أَنه أَنعم على بنى إِسرائيل وهم في التيه فأَنقذهم من الهلاك في صحرائه، بما أَخرجه لهم من ينابيع الماءِ،، وأَنزله إِليهم من لذيذ الغذاءِ، كما بين أَنهم ظلموا أَنفسهم بكفران تلك النعم التي لا يستحقونها، وكان عليهم أَن يشكروها ويعتبروا بما أَصابهم من العقوبات على مخالفاتهم. وجاءت هذه الآية وما بعدها في إِثرها لبيان طرف آخر من آثامهم غير ما مر من كفرانهم بتلك النعم الجليلة، والغرض من سوق ذلك كله تذكير اليهود المعاصرين للنبي بما صنعه أَسلافهم، حيث قابلوا فضل الله عليهم ونعمه بالجحود والتنكر لها، وأَنه إِذا خبث الأَصل كان فرعه مثله، فلا غرابة أَن يتنكروا للحق كما تنكر أَسلافهم.

والمعنى: واذكرْ أَيها الرسول لليهود المعاصرين لك، إِذ قيل لأَصولهم من قِبَلِ الله تعالى، على لسان موسى، أَو على لسان يوشع بعد موته اسكنوا هذه القرية - بيت المقدس أَو أريحاء - بعد أَن نصركم الله على قومها الجبارين عباد الأَوثان - حين استجبتم لما أمرتم به من جهادهم. وادخلوا من بابها سجدا خاشعين خاضعين لله شاكرين له على نصركم عليهم، لا دخول المتجبرين المستكبرين أهل البطر والخيلاءِ فإِن نصركم من عند الله لا من عند أَنفسكم فلا يليق بكم أَن تشمخوا بأَنوفكم وتستكبروا على من حولكم، واتجِهوا إِلى ربكم قائلين له: حِطَّةٌ وغفرانٌ منك يا الله لذنوبنا، تأْكيدًا لتواضعكم، واعترافًا منكم بتقصيركم، فإِن فعلتم ذلك يغفر لكم الله ما مر من خطيآتكم، ولا نقتصر على ذلك، بل سنزيد المحسنين على المغفرة ثوابًا لا حد له.

وقد كان أَمر بنى إِسرائيل بدخولهم تلك القرية، بعد انتهاء مدة عقوبتهم في التيه وكانت أَربعين سنة يتيهون فيها في صحرائه، ولا يجدون لهم منفذًا إِلى أَرض الله، حتى