شروع في قصة صالح ﵇ بعد الفراغ من قصة سليمان، وقوله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ﴾ معطوف على قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا﴾ في صدر قصة سليمان، وكلتا القصتين وغيرهما برهان على صحة ما جاءَ في أول السورة من قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ لأن الحديث عن أحوال الأولين وأخبار الأنبياء السابقين ليس مما يعرفه سيدنا محمَّد ﷺ ولا عهد له به.
ومعنى الآية: والله لقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا يدعوهم إلى توحيد الله، وعبادته ونبذ عبادة ما عداه.
وبدأت بالقسم اعتناء بشأن ما اشتملت عليه من أَخبار، وما احتوته من أحوال.
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ معناه: فتعجلوا العصيان وجنحوا إلى الخلاف والفرقة وفاجئوا بالانقسام إلى فريقين يختصمون: فريق مؤمن مصدق وفريق كافر عاص مما جاءَ تفصيله في آيات كثيرة في سور أُخرى، منها ما جاء في سورة الأعراف من قوله تعالى:
﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٧٦)﴾ إلى آخر ما جاء من الآيات.
والضمير في "يختصمون" للفريقين: المؤمن والكافر؛ لأنهما شريكان في الاختصام، والاختصام وقع بعد الدعوة، وظهور الآيات وإيمان فريق منهم.
والفاءُ للترتيب والتعقيب، وهو في كل شيءٍ بحسبه حتى تتأتى المفاجأَة بالتفرق والاختصام.