ذلك في الدنيا، والتمتع في الآخرة بأَنواع من النعيم لا تحصى، وأُولئك هم الفائزون حقا بما يقصده ويطلبه أَصحاب الفطر السليمة، دون من رضوا بمتاع الدنيا غرضا ومقصدا.
ويستفاد من الآية الكريمة أَنه وإِنْ تخلف هؤُلاءِ المنافقون عن الجهاد، فقد نهض به وأَخلص فيه مَنْ هم خير منهم وأَصدق نِيَّة، ومن كانوا فيه كأَعظم ما يكون المجاهدون، حين بذلوا أَموالهم وأَنفسهم، ثم خصَّ القرآن الكريم فوزهم وفلاحهم في الآخرة بالبيان في قوله تعالى:
٨٩ - ﴿أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾: هؤُلاءِ المؤمنون مع ما يفوزون به في الدنيا من النصر والغنيمة، هيأَ الله لهم في الآخرة جنات من نعيمها أَن الأنهار تجرى من تحت قصورها وأشجارها ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾: أَي ماكثين فيها أَبدا فلا ينقطع عنهم نعيمها بالموت أَو الخروج منها ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾: أَي ذلك الجزاءُ المذكور من إِعزازهم في الدنيا وإِنعام الله عليهم في الآخرة، هو الفوز العظيم والذى أَعلى الله به قدرهم ورفع ذكرهم.