أَي ما كان يوسف ليأْخذ أَخاه في دين الملك في حال من الأحوال إِلا في حالة مشيئة الله هذا الكيد والتدبير، فإِن دين الملك حينئذ يقره ما دام السارق يدين به ويعتقده، لأَنه يحقق له من الجزاء أَكثر مما عنده في قوانينه، ولهذا وافقهم على فتواهم وأَبقاه عنده.
أَي نرفع درجاتٍ عالية من العلم والحكمة في التصرف من نشاءُ من عبادنا كما رفعنا يوسف، وما كان ليصل إِلى ما وصل إليه لولا تدبير الله وتهيئته أَسبابه، فإنه فوق كل ذو علم إلى علمه. صاحب علمٍ من الخلق عليم لا غاية لعلمه وهو الله تعالى ولولا إِرشاده وتعليمه لما وصل ذو علم إلى علمه.
تقدم الحديث عن وضع صواع الملك الثمين في رحل بنيامين سرًّا، وإن رجال يوسف اتهموا إِخوته بسرقة الصواع قائلين لهم:(أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) فلما نفوا