للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿سَائِغًا﴾: هنيئًا لا يُغصُّ به شاربُه.

﴿سَكَرًا﴾: ما يسكر وهو الخمر، قال ابن عباس: نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر - وسيأتي لذلك بيان أوسع وتأويل أفضل - إن شاء الله تعالى -.

[التفسير]

٦٥ - ﴿وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾:

تضمنت هذه الآيةُ الكريمةُ شواهد عظيمة الدلالة على أنه - تعالى - هو الجدير بالألوهية والعبادة له دون سواه، فقد أرشدت أَصحاب الفكر الرشيد إلى أن هذه السماء التي نشاهدها خالية من الماء، صافية الأَديم يسوق الله برحمته السحاب تحتها ويزجيه بعد أن كوَّنه من أَبخرة المياه، وجعله ركاما، ثم يبسطه في جو السماء كيف يشاءُ، ويصيب به من يشاءُ من عباده، فيحيى به الأرض بعد موتها، ويبسط فيها الزرع النضير، وينبت فيها الأشجار ذات الأزهار والثمار، إن في ذلك لعبرة لأولي الأَسماع والأبصار.

ومعنى الآية إجمالًا: والله أَنزل من السماء ماءً بقدر معلوم، على الأرض اليابسة التي تشبه الموتى في عدم جدواها، وتوقف الانتفاع بها، فلما أنزل الله الماءَ عليها دبَّت فيها الحياة، حيث اخضرَّت وَرَبَتْ وانبتت من كل صنف بهيج، إن في ذلك لعلامة واضحة الدلالة على ألوهيته ووحدانيته، يبينها لقوم يسمعون التذكير به سماع تدبر وتفكر، ثم اتبعها آية أخرى باعثة على توحيده فقال:

٦٦ - ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾:

أي وإن لكم أَيها العقلاءُ الذين تحسنون الاستماع وتفكرون في الشواهد والآيات التي تُذكَّرُون بها - إِن لكم - في الإِبل والبقر والغنم والمعز لعظة عظيمة الشأن حيث تشاهدون أننا نسقيكم مما في أَجوافها لبنًا أبيض خالصه مما يؤَثِّر في بياضه أَو ريحه أو طيب طعمه سائغًا