ومن دلائل وجود الله - تعالى - وقدرته، ووحدانيته وحكمته، وكمال صفاته، أنك ترى الليل بظلامه، والنهار بضيائه، وتعاقبهما بانتظام من غير فتور، وتداخل بعضهما في بعض، فيزيد النهار وينقص الليل، أو يزيد الليل وينقص النهار، ويترتب على ذلك وجود الفصول الأربعة: الربيع، والصيف، والخريف، والشتاء، ومعرفة عدد السنين والحساب.
ومن دلائله - تعالى - الشمس بنورها وأشعتها الساخنة الساطعة، والقمر بضوئه وأَشعته الخافتة وتنقلهما في مداراتهما ومنازلهما بانتظام، فينشأُ عن تنقل الشمس فيها الفصول الأَربعة وحساباتها الفلكية، وينشأُ عن تنقل القمر فيها زيادة ضوئه ونقصانه، ومعرفة مبدأ شهره ونهايته، كما أَن لكليهما أثرا بالغًا في نمو الزرع وحياة الحيوان، ومعرفة أَوقات العبادات والمعاملات.
ولما كانت الشمس والقمر أَظهر الكواكب بالنسبة لأَهل الأَرض، وكان بعض الناس يسجدون لهما تقرُّبا إلى الله بعبادتهما، أو إيمانًا بأُلوهيتهما - لما كان الأمر كذلك - نهى الله عباده عن السجود لهما، لأَن الله - تعالى - خالقهما، وهما من دلائل وجوده وكمال صفاته، فقال - سبحانه -: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾.
فالله لا يحتاج إلى وسيط في عبادته، وهذا الوسيط يبعدهم عن الله ولا يقربهم منه، وينسيهم الله، فينسبون له النفع والضر، والخير والشر، فمن كان يعبد الله فلا يشرك معه أحدًا في عبادته، فهو أَقرب إليه من حبل الوريد، ولا يغفر أَن يشرك به.