وقت الحاجة، يقال غِيثَتْ البلاد إِدا مطرت في وقت الحاجة، ولذا يسمى المطر في هذه الحالة غيثا ويصح أَن يكون من الغوث، يقال أَغاثنا الله أَي أمدنا برفع المكاره حين داهمتنا.
لما انتهى رسول الملك من إِخبار يوسف برؤيا الملك التي أزعجته، أول يوسف البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبات ذات زروع وثمار كثيرة، وأول البقرات العجاف والسنبلات اليابسات بسنين مجدبة تؤكل فيها حبوب جافة مخزونة في سنابل جافة، ووصف الطريقة التي يجتازون بها أزمة المجاعة في سبع سنين متتابعة، فقال لسائله بعد إحساسه وإدراكه أن السائل هو الملك: تزرعون الأرض سبع سنين دائبين جادين غير متوانين ولا كسلين، حتى تجود الأرض بأقصى خيراتها وأغزر ثمارها وحبها، فتلك السنوات السبع ذات الزروع والثمار الغزير هي تأويل البقرات السبع السمان والسنابل الخضر اليانعات، فما حصدتموه في كل سنة فاتركوه واختزنوه في سنابله ولا تجردوه لكي ينجو من أكل السوس، إِلا قليلا من حبها تعدونه للأكل كل عام فليس عليكم بأس من تجريده من سنابله.
فأنت تراه قد استدل على زراعة القمح سبع سنين دأبا بالسنبلات السبع الخضر فهي إشارة إِلى السنوات السبع الخصيبة، واستدل على تخزين القمح في سنابله سبع سنين بالسنبلات السبع اليابسات، واستدل على أن السنوات السبع الأخيرة ستكون جدباء وأنه يجب الاحتياط. لها بتخزين الطعام، استدل على ذلك بالبقرات السبع العجاف التي أَكلت البقرات السبع السمان كما سيأتى ببانه، ويبدو أن تخزين القمح في سنابله لمدة طويلة تصل إلى سبع سنين لم يكن معروفًا لدى قدماء المصريين، فقد كانوا يزرعون لكل عام ولا يحرمون من فيضان النيل سبع سنين متتابعة فلذا أرشدهم يوسف إِلى هذه الطريقة المثلى في التخزين لمدة طويلة، ولا عجب في أن يخبرهم بها