بعد أَن نعى الله تعالى، على المشركين تقليدهم لآبائهم بغير علم، واتباعهم إِياهم. في ضلالهم، وأَبان: أَنهم لم تنفعهم المواعظ ولم يُجْدِهِم التذكير بتجهيل الآباءِ، بل استمرُّوا على تقليدهم وجهلهم - بعد كل هذا - أَمر الله المؤمنين أَن يقوَّموا أَنفسهم بالإِصلاح، والعلم النافع، والعمل الصالح. وأَوضح لهم: أَنهم إِذا التزموا الطريقَ المستقيم، لا يضيرهم - بعد ذلك - ضلال الضالين، وغواية الغاوين … ومعنى قوله تعالى:
أَي: التزموا إِصلاح انفسكم، واحفظوها من المعاصي، واعملوا خيرا يقربكم من الله تعالى، ويحفظكم من سخطه وعقابه. فإِنه لا يضركم ضلال الضالين إِذا كنتم على هدى.
روى الترمذي، عن أَبي أُمية الشيبانى. قال:"أَتيت أَبا ثعلبة الخشني فقلت له:
ما تصنع في هذه الآية؟ فقال: أَيَّةُ آية؟ قلت: قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾: قال: أَمَا والله، لقد سأَلت عنها خبيرا .. سأَلتُ عنها رسولَ الله ﷺ، فقال: "بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعرُوفِ، وَتَنَاهَوْا عَنِ المنكَرِ، حتَّى إذا رأَيتَ شحًّا مُطاعا، وَهَوًى متَّبَعًا، ودُنْيا مُؤْثَرَةً وإِعجابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ برأْيه، فَعليْكَ بِخاصَّةِ نفْسِكَ .. ودَعْ عَنكَ العَوَامَّ، فإِنَّ مِن وَرَائِكُم أَيَّامًا: الصَّابِرُ فِيهنَّ، مِثْل القابضِ عَلى الجَمْرِ. للعامل فِيهنَّ أَجْرُ خَمْسِين رَجُلا يَعْمَلونَ كَعَمَلِكُم".