للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وزاد في رواية أُخرى "قيل: يا رسول الله أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَو منْهُم؟ " قال: "بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ منْكُم".

وروى ابن كثير، عن الإمام أحمد: أن أَبا بكر قام فحمد الله، وأَثنى عليه. ثم قال: "أَيها الناُس، إِنكم تَقْرَءُون هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾: وإِنكم تضعونها على غير موضعها. وإِني سمعتُ رسولَ الله يقول: إِنَّ الناسَ إِذَا رأَوا المنكر ولم يُغيَّرُوهُ، يُوشِكُ الله ﷿ أن يَعُمَّهُم بِعقابِه".

وظاهر هذه الآية، يوهم أَن الأَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قد يسقطان عن المستقيم الصالح، إِذا رأَى الضال مصرًّا على ضلاله.

ولكنَّ فهْمَ الآية على هذا الوجه خطأ. فإِن الأَمر بالمعروف والنهي عن المنكر - لا يسقط وجوبهما عن القادر عليهما بحال من الأَحوال. قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ … ﴾ (١) وقال تعالى: "كُنتُم خَيْرَ أمَّةٍ أخرِجَتْ للناس تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وتنهونَ عَنِ الْمُنكر وَتُؤْمِنُون بِالله … " (٢) وقال : "وَالذى نَفْسِى بِيَدِهِ. لتأمُرنَّ بِالْمعْرُوفِ وَلتَنْهَوُن عن المنكَر، أَوْ لَيوشِكن الله أن يَبعَثَ عَليْكُم عِقَابًا مِّن عِندِه، ثم لتَدْعُنَّه فَلَا يَسْتَجيبُ لَكُمْ".

وقد لعن الله اليهود؛ لأَنهم: "كانُوا لَا يَتَنَاهوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ … " (٣).

وقد سبق شرح هذه الآية.

﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾:

أي: إِليه وحده، رجوعكم جميعًا: من ضل ومن اهتدى. فيخبركم - عند الحساب - بما قدمتم من أَعمال، ويجزيكم على حسب ما علمه من هدايتكم أَو ضلالكم.

وفي هذا وعد للمهتدين، ووعيد للضالين، وأَنه لا يُؤَاخِذُ أَحدا بذنب غيره. لهذا كله، يجب تأْويل الآية كما يلي:


(١) آل عمران، من الآية: ١٠٤
(٢) آل عمران، من الآية: ١١٠
(٣) المائدة، من الآية: ٧٩