للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المفردات]

﴿صَرَّفْنَا﴾: نَوَّعنا ووضحنا. ﴿مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾: المثلُ الحكمة أَو الموعظة.

﴿جَدَلًا﴾: مُمَاراةً ومخاصمة. ﴿سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾: أي طريقة الله في المشركين السابقين، والمراد بها العذاب الذي حل بالأمم السابقة حينما أصروا على الكفر والعناد.

﴿قُبُلًا﴾: بضمتين جمع قبيل أي أَنواعًا، وأجاز أبو عبيدة أن يكون معناه مقابلة وعيانًا كقراءته قِبَلًا بكسْر ففَتح، فإن معناه كذلك عند ابن عباس.

[التفسير]

٥٤ - ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ … ﴾ الآية.

ولقد بينا ووضحنا في القرآن الكريم من التوجيهات الرشيدة والمواعظ الحكيمة، بطرق عديدة وأساليب متنوعة، من القصص والعبر والحكم التي يثْبُتُ بها الحق في الأذهان، ولا تدعُ مجالا للشك والإنكار. وتملك على القارئِ مشاعره؛ لأنها في الغرابة والحسن واستمالة النفس كالأمثال ليتلقوها بالقبول، فلم يمتثلوا.

﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾: وكان الإنسان منذ نشْأته حسب فطرته، أَكثر شيءٍ جدالا في الدفاع عن رأيه بالباطل متلمسًا المعاذير التي يبررها تصرفاته (١)، إلا من عصم الله.

أَخرج الإِمام أحمد والشيخان عن النبي ، أنه طرق بيت علي وفاطمة ليلًا فقال: ألا تصليان؟ فقال على: يا رسول الله إِنما أنفسنا بيد الله تعالى، إِن شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلت ذلك، ولم يرجع إليّ ثم سمعته يضرب فخذه ويقول: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾.

٥٥ - ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ … ﴾ الآية.

ساقت الآية الكريمة مثلا من أَمثلة الإِمعان في الضلال واللجاج والجدال بالباطل، مع وضوح الحق وأَسباب الهداية.


(١) يذكر علماء النفس أن كل مخطيء يتلمس تبرير خطئه بما يسمونه "نظرية التبرير" وقد ساق القرآن الكريم أمثلة عديدة مما برر به المشركون عقائدهم وأعمالهم.