ويُخْتَانُ به الأزواج والأهلون المخدوعون في شرف ذويهم، وتقتل بعده الأجنة أو الأطفال الناجمون عنه، تخلصًا من عارهم، وتنتشر به الفتن والمفاسد والتحلل الخلقي - لمّا كانت تترتب عليه تلك الآثار - جعل الله الحد فيه شديدا دَرْءًا لمفاسده، ووقاية للمجتمع من شروره وويلاته، فإِذا علمه من تميل نفسه الخسيسة إلى الزنى، تجنبه خوفًا من عقوبته في الدنيا والآخرة.
ولا شك أن تنفيذ الحد على الزناة، بالصورة التي أرادتها الشريعة، يحدث أَثرًا طيبًا في المجتمع الإِسلامى، حيث يكف الفجرة عن الزنى خوفًا من عقوبته، فتسلم الأَعراض وتصان الحرمات وتصحح الأنساب، وينتهى وأْد الأجنة، وتمتنع الفتن، بل يتلاشى تنفيذ هذا الحد، لعدم وقوع الزنى، أَو يندر تنفيذه لندرة وقوع الزنى أو تعذر إِثباته.
[شروط إقامة الحد وما ينبغي للقاضى]
لا يقام حد الزانى على من اقترفه، إلَّا إِذا ثبت الزنى عليه باعترافه - ذكرا كان أَو أنثى - وإصراره على هذا الاعتراف - أَو بأَن يشهد عليه أربعة شهود عدول رأَوا الواقعة وحكوها على طبيعتها تمامًا، أَوْ بِحَمْلِ البكر أَو الثيب التي لا زوج لها، فأَما اعتراف الزانى بزناه فإنه إِذا كان قد حدث في العصر النبوى، طلبًا للبراءَة من إِثمه قبل لقاء الله تعالى، فإِنه يندر حدوثه في هذا العصر الذي كثرت فيه المآثم، بل ربما ينعدم، لأن الشرع لا يلزمه بالاعتراف سترًا لإِثمه وفتحًا لمجال التوبة له فيما بينه وبين ربه - كما سنبينه.
وأَما اجتماع الشهود الأربع في وقت واحد، ورؤيتهم واقعة الزني بتفاصيلها، فما لم يكن عن طريق الصدفة، فإِنه يتعذر حصوله عن طريق الاستدعاء، وبما أَن الصدفة في ذلك أمر بعيد الاحتمال، وحضور الشهود بطريق الاستدعاء يتم بعد حصول الجريمة، فلهذا يكون إِثباته عن طريق شهود الرؤية أَمرًا متعذرًا.