أَي إِنهم جماعة من الشباب النقي الفطرة الصادق العزيمة، هُدوا بفطرتهم إلى ربهم فاطر السماوات والأرض، فأَيقنوا إن الذي أَبدعهما على غير مثال سبق، هو الحقيق بأن يعبد بحق، وأَن يكون وحده ربًّا لهذا الكون وإِلَهًا، هكذا اهتَدوا إلى الله بآياته، وهكذا آمنوا بربهم على هدى وبصيرة، فزادهم ربهم بالعمل الصالح والعقل الرشيد يقينا إلى يقينهم، وإِيمانا مع إيمانهم، ثم أَعلن ثناءه عليهم، فقال في محكم كتابه:
﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾: ونحو هذه الآية قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ (١). والشباب - كما قال الحافظ ابن كثير -:
أقبل للحق، وأَهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل، ولهذا كان أكْثَر المستجيبين لله تعالى ولرسوله ﷺ شبابا.
ولعل في قول الحق ﵎: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ إِشارة إلى أَن في عهده ﷺ من كان يقص نبأهم لكن بغير الحق، وفي هذا دليل على