هذه الآية نزلت لإحقاق الحق، والرد على مزاعم قريش من أن القرآن من تأليف محمَّد وأنه يعلمه بشر.
والمعنى: تنزيل القرآن كائن من الله الغالب الحكيم فيما يقول، وأثر الغلبة والحكمة واضح في القرآن العظيم، فقد أعجز البشر أن يأتوا بمثله، وغلبت أحكامه وتشريعاته سواه، لما اشتمل عليه من الدقة والصدق، ومراعاة مصلحة البشر دنيا وأخرى، وكل ذلك شاهد بأنه من الله العزيز الحكيم، وليس في قدرة البشر أن يأتوا بمثله، وقد أكد الله نزوله من العزيز الحكيم بقوله:
إنا أنزلنا إليك - أيها الرسول - القرآن ملتبسًا بالحق أو بسبب إظهار الحق وتفصيله، فاعبد الله أنت ومن آمن معك: اعبده مخلصًا له الدين، فلا تشرك معه في العبادة أحدًا، فإنه لا رب سواه.
وقد دَلَّ الأمر بإخلاص الدين لله على وجوب تجريد العبادة من كل شرك، ففي الحديث القدسى:"من عمل عملا أشرك فيه معى غيرى تركته وشريكه".
وروى الحسن: عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله، إنى أتصدق بالشيء وأصنع الشيء أريد به وجه الله وثناء الناس، فقال رسول الله ﷺ: والذي نفس محمَّد بيده لا يقبل الله شيئًا شورك فيه، ثم تلا رسول الله ﷺ: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾.
ونقل القرطبي عن ابن العربى: أن هذه الآية دليل على وجوب النية في كل عمل، وأعظمه الوضوء الذي هو شطر الإيمان، خلافا لأبى حنيفة، والوليد بن مسلم، فإنهما يقولان: أن الوضوء يكفى من غير نية. قال ابن العرب: وما كان ليكون من الإيمان شطرًا، ولا ليخرج الخطايا من بين الأظافر والشعر بغير نية.