﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ المراد بالنجم هنا: هو جنس النجوم، وهي من خلق الله، يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وتصك وترمي بجُزَيْئَات منها الشياطين التي تسترق السمع فيتبعها من هذه النجوم الشهاب الثاقب الذي يصدها ويدفعها، كما أنها تزين السماء الدنيا بالزينة الحسنة، والحلية البهيجة قال - تعالى -: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ﴾ (١) فضلا عن أن هذه النجوم آية باهرة تدل على كمال اقتداره - سبحانه - وعظيم سلطانه، إذ هي في أفلاكها ومداراتها لا تضل ولا يصطدم بعضها ببعض بل تسير وفق نظام بديع محكم والمراد بِهُوِيِّ النجم سقوطه على الشياطين، وفيه إشارة إلى أن أمر رسول الله ﷺ سيظهر ويقهر الله أعداءه، كما تفعل الصواعق التي تهوى من النجوم بما يكون في طريقها.
أقسم - جل شأنه - بالنجم الذي له هذه الصفات الجليلة والخصائص العظيمة ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ﴾ على أن رسول الله ﷺ لم يضل ولم يبعد عن الحق ولم يغب أو ينأ عن الهدى، بل هو على الصراط المستقيم ﴿وَمَا غَوَى﴾ أي: وما خاب ولا انخرط في سلك الجهال المارقين عن الدين الصحيح، بل هو راشد مهتد وليس كما تزعمون من نسبتكم إياه إلى الضلال والغيّ. وفي القسم بالنجم بهذا المعنى على أنه ﵊ منزه عن شائبة الضلال والغواية - في هذا القسم - من البراءة البديعية، وحسن التصوير، وجمال الواقع ما لا غاية وراءه؛ لأن النجم شأنه أن يهتدي به الساري إلى مسألك الدنيا كأنه قيل: والنجم الذي يهتدي به السابلة إلى مقاصدهم، ويسترشدون به في مسالكهم نحو غاياتهم ما عدل محمَّد عن طريق الحق الذي هو مسلك الآخرة، وفي هذا من التمثيل ما يعطى