للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من قوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ أي: ألحقنا بهم الخراب والدمار فجعلناهم بحيث يتحدث الناس عن أخبارهم حديث التلهى والاستغراب، ويضربون بهم الأمثال فيقولون: ذهبوا أيدى سبأ، ومزقناهم كل تفريق وشر تمزيق حيث لحق غسان بالشام، وأنمار بيثرب، وجذام بتهامة، والأزد بعمان إلى غير ذلك. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ أي: إن في ذلك الذي ذكر من قصتهم، واختلاف أحوالهم وتقلب الأيام بهم لعظات واضحة وآيات شاهدة لكل من راض نفسه على الصبر وغالب الشهوات وصبر على الطاعات، وقدر نعم الله، وقابلها بالمزيد من الشكر والوفير من الحمد ليستديمها ويستزيدها تصديقًا قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ (١).

﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾

[المفردات]

﴿صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾: حقق فيهم ظنه ووجده صادقًا.

﴿سُلْطَانٍ﴾ تسلط، واستيلاء. (حفيظ): محافظ.

[التفسير]

٢٠ - ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾:

لما ذكر الله قصة سبأ وما كان من أمرهم في اتباعهم الهوى واستجابتهم لوسوسة إبليس، وتنكبهم السبيل السوى، أخبر عنهم فقال: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ


(١) آية ٧ من سورة إبراهيم.