شيء منها، حتى يبرروا بعضها لهم، وينعموا بشئِ منها عليهم ثم يختم الله الآية بما يفيد أَن الإِنعام مضبوط بضوابط الحكمة، وذلك بقوله تعالى:
(وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ): أَي وما ننزل الأَمْر بالشيءِ الذي ننعم به على عبادنا إِلا مضبوطًا بقدر معلوم يتفق مع الحكمة في نوعه وزمنه وقدره وأَهله استحقاقًا أَو ابتلاءً أَو إِملاءً، ويجوز أَن يكون تنزيل الشيءِ المنعم به مجازًا عن إِبرازه وإِيجاده، والله أَعلم -وعبر عنه بالتنزيل لأَنه ناشئ عن أَسباب سماوية، فكأَنه منزل من أَعلى إِلى أَدنى.
(الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ): أَي حوامل بالماءِ، جمع لاقح بمعنى حامل، فهو من قولهم: ناقة لاقح ونوق لواقح إِذا حملت الأَجنة في بطونها، أَو مُلقِّحات للشجر كما قال أَبو عبيدة وسَيَأتى بسط الكلام على ذلك في تفسير هذه الآية (مِنَ السَّمَاءِ): من السحاب. (فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ): أَي فجعلناه لكم مَسْقى تسقون به مزارعكم، قال الأزهرى: العرب تقول لما كان من بطون الأَنعام أَو من السماءِ أَو من نهر جار أَسقيته، أَي جعلت له منه مسْقًى، فإِذا كان للشَّفَةِ قالوا سقى ولم يقولوا أَسقى، وقال أبو على: يقال: سقيته حتى