﴿فَإِذَا طَعِمْتُمْ﴾ أي: أَكلتم، ويطلق الطعام على كل ما يساغ حتى الماء، وفي العرف: الطعام لما يطعم، والشراب لما يشرب، وطعم من باب تعب.
﴿وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾ أي: ولا مسرورين به، ومستمتعين.
﴿فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾ أي: يترككم حياءً من تنبيهكم.
﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا﴾ والمتاع: هو كل ما ينتفع به كالطعام والثياب وأَثاث البيت وغيرها.
﴿مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾: وهو الساتر؛ لأَنه يمنع من المشاهدة، والأصل في الحجاب: جسم حائل بين جسدين، وقد استعمل في المعاني، فقيل: المعصية حجاب بين العبد وربه، والجمع: حُجُب ككتاب وكُتُب.
شروع في بيان ما يجب على الناس مراعاته من حقوق نساءِ النبي ﵊ وحقوقه وهو في بيوته ﷺ إثر ما يجب عليه ﷺ مراعاته من الحقوق المتعلقة بأَزواجه.
والآية تتضمن أَمرين: أَحدهما الأَدب في الحضور للطعام والجلوس بعده، والثاني يتعلق بأَمر الحجاب لزوجاته ﷺ.
فأَما الأَوَّلُ فسببه كما قال ابن عباس: أَن أُناسًا من المؤمنين كانوا يتحينون طعام النبي ﷺ فيدخلون قبل أن يدرك الطعام، فيقعدون إلى أن يدرك، ثم يأْكلون ولا يخرجون، وقال إسماعيل بن أبي حكيم: وهذا أدب أدَّب الله به الثقلاء.
وعند أَكثر المفسرين: أَن سببه ما وقع يوم أَن تزوج ﵊ زينب بنت جحش. أخرج الإِمام أحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، والبيهقي