بعد أن بين الله - سبحانه - شيئًا من مآثم اليهود وضلالهم، وأشار إلى تعصبهم الذي أرداهم، ووقوع النصارى فيما وقع فيه اليهود: حيث اتَّهَمَ بعضهم بعضًا بأنهم ليسوا على شيء، تكلم في شأن النصارى واليهود. ومن جاراهم في نسبة الولد لله من المشركين الذين جعلوا الملائكة بنات الله.
جاء الإسلام بتوحيد الخالق وتنزيهه عن الولد، بين أهل كتاب ومشركين: يزعمون أن لله ولدًا، فاليهود يزعمون أن عزيرًا ابن الله، والنصارى يزعمون مثل ذلك لعيسى، والمشركون يزعمون مثله للملائكة، فيقولون إنها بنات الله.
وقد أنزل الله - تعالى - هذه الآية الكريمة لتبرئته - تعالى - عما يزعمون، وضمنها الدليل على ذلك في قوله: ﴿بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾.
وقد تضمن الدليل: أنه لا يصح أن يكون لله ولد، لأنه مالك السموات والأرض، ومن يدعونه ولدًا ليس كذلك، ولابد أن يشبه الولد أباه.
ولأنه مملوك لله ومخلوق له، فهو من جملة السماء والأرض التي يختص بملكها الله، والمملوك لا يكون ولدًا، وأن الولد يُحتاج إليه ليعين أباه، ويرثه بعد موته، والله غير محتاج إلى معونة لخضوع الكل له - تعالى - وانقيادهم لإرادته، كما أنه حي لا يموت، فلا حاجة له إلى ولد يرثه بعد موته. فخضوع الكائنات لربها، واحتياجها إليه باقٍ لا ينتهي، فكيف يموت حتى يرثه ولده: تعالى الله عما يقولون.