فلن أكون عونا ومساعدا للكافرين والمخالفين لأوامرك، وعن ابن عباس: لم يستثن، فابتلى به مرة أخرى، يعني: لم يقل: فلن أكون إن شاء الله.
وقيل معناه: بسبب ما أنعمت علي من قوة الجسم ومتانة التركيب وغير ذلك من النعم أشكرك، فلن أستعمل نعمك في مظاهرة من تؤدي معاونته إلى الوقوع في جرم وإثم.
[النهي عن معاونة الظلمة]
احتج أهل العلم بهذه الآية على منع معاونة الظلمة وخدمتهم، أخرج عبد الله بن الوليد الرصافى: قلت لعطاء بن رباح: إن أخي ليس له من أمور السلطان شيء إلا أنه يكتب له بقلم ما يدخل وما يخرج، وله عيال، ولو ترك ذلك لاحتاج واستدان، فقال: مَن الرأس؟ قال: خالد بن عبد الله القسرى. قال: أما تقرأ ما قاله العبد الصالح: ﴿رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ فلا يعينهم أخوك، فإن الله يعينه. ذكره القرطبي والآلوسى والزمخشرى.
قال عطاء: فلا يحل لأحد أن يعين ظالما، ولا يكتب له، ولا يصحبه، وإن فعل شيئًا من ذلك كان معينا للظالمين، قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ فإذا كان الركون إلى الظلمة أو العمل معهم موجبا لغضب الله وسخطه، معرِّضا لعقابه وناره، فماذا يكون حال من انغمسوا منهم في شرورهم وآثامهم، وشاركوهم في ظلمهم وأعانوهم على القتل والتشريد للأحرار الصالحين؟ بل من كانوا أداة تعذيب وقهر وظلم للأبرياء؟ لا شك أن عقابهم أشد وعذابهم أعظم.
فأصبح موسى في مصر بعد قتله القبطى فزعا يتوقع أن يصيبه الأذى من القوم بسبب قتله المصري، وقيل: خائفا وقوع المكروه من فرعون، يترقب نصرة الله عليه، فإذا صاحبه الإسرائيلى الذي نصره بالأمس وساعده وقتل القبطى بسببه يستغيث به مرة ثانية على