أيها البليغ الصدق: أفتنا في رؤيا سبع بقرات سمان، يأكلهن سبع بقرات شديدة الهزال وأفتنا في سبع سنبلات خضر مليئة بالحب وسبع سنبلات أخر يابسات ناضجات الحب، وبين لنا مآلها وحكمها في عالم الشهادة.
وإنما قال ليوسف ﴿أَفْتِنَا﴾ بضمير الجمع مع أنه وحده هو المستفتي، للإِشعار بأن الرؤيا ليست له بل لغيره ممن له شأن في أمور الناس. وأنه في حكايتها سفير لغيره، ولهذا ختم استفتاءه بقوله:
أي لكي أرجع إلى من بيدهم الأمر ليعلموا تأويلها ويعملوا بمقتضاه، وليعلموا فضلك ومكانك العلمي العظيم مع ما أنت فيه من الحال، فينتبهوا إليك ويخلصوك مما أنت فيه.
ولم يقل: لأرجع إلى الناس ليعلموا، بل عبر بإسلوب الرجاءَ ﴿لَعَلِّي أَرْجِعُ﴾ الخ جريًا على نهج الأدب مع يوسف، واحترازًا عن المجازفة بأسلوب اليقين، لأنه لم يكن على يقين من رجوعه، فربما اخترمته المنية قبل أن يعود إلى مجلس الملك، كما أنه لم يكن على يقين من بقائهم حتى يعلمهم، فإن العالم بذلك كله هو الله - تعالى - وحده.
﴿دَأَبًا﴾: مصدر دأب في العمل - أي جَدَّ فيه. ﴿سَبْعٌ شِدَادٌ﴾: سبع سنين صعاب على الناس. ﴿مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾: مما تدخرون من البذور ﴿يُغَاثُ النَّاسُ﴾: من الغيث أي يمطرون في