وعبر بقوله: ﴿بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾ مع أنهم ليسوا على شيء من الهدى مجاراة لقولهم: إنهم على هدى، أو أفعل التفضيل هنا على غير بابه، والمراد أن ما جاءهم به هو الهدى دون ما عليه الآباء.
فانتقمنا من الأُمم المكذبة لرسلها بعذاب الاستئصال، فتأمل - أيها الرسول - كيف كانت عاقبة المكذبين لرسلهم، وسوف يلاقى قومك مثل جزائهم إن أصروا على كفرهم فلا تحزن عليهم.
﴿بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾: براء: مصدر بَرِئ، بمعنى تباعد، والوصف منه: برئ، ويستعمل براء بدلًا من برئ للمبالغة في البراءة، ولا يثنى ولا يجمع كشأن المصادر، فيقال: رجلان براء ورجالٌ بَرَاء، أما بَرِيء فيثنى ويجمع فيقال: بريئان وبريئون وبرآءُ.
﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ (١) أي: ابتدأنى واخترعنى، قال ابن عباس ﵄: كنت لا أدرى ما فاطر السموات حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي: ابتدأتها. ولفظ "إلاَّ" في قوله: ﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ بمعني لكن.
﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾: وجعل الله، أو جعل إبراهيم كلمة التوحيد المفهومة من قوله: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ - جعلها - كلمة باقية في ذرية إبراهيم.