للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٨٨ - ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ … ﴾ الآية.

بعد أن ذكر استسلام الكافرين واعترافهم بكفرهم بين يدي أَحكم الحاكمين أَوضح جزاءهم في تلك الآية الشريفة.

والمعنى: أَن الذين كفروا بالله فلم يعترفوا بوحدانيته، وصرفوا الناس عن دينه الذي هو سبيله الأقوم.

﴿زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ﴾: ضاعفنا عذابهم ضعفين، عذابًا بكفرهم وغيهم وضلالهم، وعذابًا بصدهم الناس عن الإيمان وحملهم إياهم على الكفر والفسوق والعصيان فاستحقوا أن يزادوا عذابًا.

﴿بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ﴾: بسبب استمرارهم على الإِفساد وإصرارهم على الضلال، وفي الآية دليل على تفاوت العذاب في دركاته كما يتفاوت النعيم في درجاته.

٨٩ - ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾:

واذكر أيها الرسول للناس يوم القيامة حيث نبعث في كل أمة شَهيدًا عليهم من أنفسهم، أَي من بينهم وجنسهم وبلغتهم لمعذرتهم.

وشهيد كل أمة نبيها، يشهد لها أَو عليها بما كان منها من الاستجابه له، أَو الإعراض عنه والصد عن سبيله كما تقدم بيانه.

﴿وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ﴾: وأَحضرناك يا محمد يومئذ شهيدًا على أمتك هؤلاء، تشهد عليهم كما يشهد كل نبي على أمته، ويجوز أن يكون المراد من ﴿هَؤُلَاءِ﴾: الأنبياءُ، فهم يشهدون على أممهم، وأنت يا محمد تشهد لهم بأنهم بلغوا ما أمروا بتبيلغه كما أخبرك به العليم الخبير في كتابه العزيز، أو جئنا بك يا محمد شهيدًا على الأمم بما لاقوْا به رسلهم من إِيمان وتصديق أَو إِنكار وتكذيب على ما أعلمك ربك.

وقد ورد في تفسير تلك الآية عن ابن مسعود أنه قال: إنه قرأ سُورة النساء على رسول الله حتى بلغ قوله: ﴿وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ فبكى رسول الله وقال: حسْبُنا.