إنما يفعل ذلك مع هرقل في منزلة من العزة والمنعة، لم يكن فيها موسى وهارون كما تقدم بيانه، فلذا أَوصاهما الله تعالى بملاينته على النحو الذي جاءَ في النص الكريم.
(خَلْقَهُ): ما خلقه عليه من المادة والصورة والوظائف المختلفة. (ثُمَّ هَدَى): ثم أرشد ما خلقه لما يصلحه. (فَمَا بَالُ الْقُرُون الْأُولَى): أي فما شأْن أَهل القرون السابقة وما حالهم. (عِلْمُهَا عِندَ رَبِّى فِى كِتَابٍ)(١): المراد بالكتاب هنا علم الله تعالى، وقيل اللوح المحفوظ، وقيل صحف الأَعمال. (لَا يَضِلُّ رَبِّى وَلَا يَنسَى): أَي لا يغيب سبحانه عن شيءٍ يحدث فيفوته علمه، ولا ينسى شيئًا علمه جل وعلا، والجملة مستأْنفة لتأْكيد علم الله بأَحوال القرون الماضية، أَو لتعليل علمه بها.
[التفسير]
٤٩ - ﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى﴾:
جاءَ في الآيات السابقة أَنه تعالى أمر موسى وهارون بالتوجه إلى فرعون وإِخباره أَنهما رسولان من ربه، وأَن يطلبا منه رفع العذاب عن بنى إِسرائيل، ويخبراه أَن السلام على من اتبع الهدى، والعذاب على من كذب وتولى.
(١) (عند ربي) خبر أول لقوله (علمها) و (في كتاب) خبر ثان له. وقيل هما خبر واحد مثل: الرمان حلو حامض، وقيل (في كتاب) هو الخبر، و (عند ربي) حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور.