للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المفردات]

﴿أُمَّةٌ﴾: جماعة، ﴿كَذَّبُوا﴾: جحدوا. ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ﴾: والاستدراج النقل درجة بعد أخرى صعودا ونزولا والمراد منه هنا نقلهم وتقريبهم إِلى الهلاك بالنعم التي اغترُّوا بها ولم يؤدُّوا حقها. ﴿كَيْدِي﴾: تدبيرى.

﴿مَتِينٌ﴾: قوى. ﴿وَأُمْلِي﴾: أمهل.

[التفسير]

١٨١ - ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ .. ﴾ الآية: أَي وممن خلق الله من الثقلين جماعة تمسكوا بالحق، وعملوا به، ودعوا الناس إِلى اتباعه والتزام طريقه، فكانوا كاملين في أَنفسهم مكملين لغيرهم. ﴿وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾: أَي وبالحق يقيمون العدل بين الناس والوزن في قضاياهم بالقسطاس المستقيم، حتى يكونوا على الحق في كل شئونهم، وأطلق على الطائفة الهادية المهتدية كلمة - أُمة - لأَنها تطلق على الطائفة، التي توحدت كلمتها، واتخذت منهجا واحدا في طريقها إِلى الحق، فسلكت سبيل الله المستقيم الذي دعا إِليه.

١٨٢ - ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾:

بعد أَن ذكر القرآن الكريم حال الهادين المهديين، بين حال المكذبين بآيات الله التنزيلية والكونية ومآلهم، ترغيبا في طريق الأولين وتنفيرا من سبل المكذبين فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾: أَي والذين أَنكروا وجحدوا آياتنا ولم يعملوا بها، بعد أَن علموا عظيم نفعها وعلو شأْنها، وأنها معيار الحق، ومصداق الصدق، وميزان العدل، كما يستفاد من إضافة الآيات إِلى نون العظمة في - آياتنا - ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾: أَي جزاؤهم أَننا سننقلهم ونقربهم إِلى الهلاك شيئًا فشيئا وقليلا قليلًا بسبب النعم التي اغتروا بتواليها عليهم فقد كانوا كلما أَتوا ذنبا أعطوا نعمة (١) استدراجًا لهم (٢) فظنوا لعظم غفلتهم عن الله وعن سننه في خلقه أَن ذلك إِكرام لهم، حتى يكون أَخذه على حين غفلتهم عن العبرة به أَخذا قويا، كما يشير إِليه قوله تعالى: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾: أَي وامهل


(١) ونسوا الشكر عليها.
(٢) قال في الشهاب: إذا رأيت الله أنعم على عبده وهو مقيم على معصيته فاعلم أنه استدراج.