أَي: المتلفف بثوبه المتغشي به، واللفظ -على ما قيل- دائر على معنى السَّتْر على سبيل الشمول.
نودي ﷺ باسم مشتق من صفته التي كان عليها وقت نزول الوحي عليه؛ ملاطفة له؛ وبعثًا للأنس في نفسه، وطلب تَدَثُّره ﵊ لما اعتراه من خوف وأَصابه من رعب حين رأَى الملك الذي جاءَه بحراء، فرجع وقال لأَهل بيته:(دثروني) فنزل: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فأَنذِرْ).
وقيل: المراد بالمدثر: المتدثر بالنبوة والكمالات النفسية، على معنى: المتحلي بها، والمتزين بآثارها، وقيل: الظاهر أَن يُرَاد بالمدثر وكذا بالمزَّمل، الكناية عن المستريح الخالي البال البعيد عن الشواغل؛ لأَنه في أَول البعثة، فكأَنه قيل له ﵊: قد مضى زمن الراحة وجاءَتك أَعباءُ الدعوة.
٢ - (قُمْ فأَنذِرْ):
(قُمْ) أَي: قم من مضجعك، أَو: قم قيام عزم وتصميم وشمر عن ساعد الجد، فقد جاءَ الأَمر الإِلهي الآن باصطفائك رسولًا، فقد جاءَ الأَوان لتباشر مهمتك وتنشر رسالتك وتقود البشرية إِلى بر السلامة، وتلزمها منهج الله، ولذا جاءَ قوله تعالى:(فأَنذِر) أَي: فحذِّر الناس وخوِّفهم من عذاب الله وعقابه إِن لم يؤمنوا، ولم يقل هنا:(وبشِّر) لأَنه كان في ابتداءِ الرسالة، والإِنذار هو الغالب إِذ ذاك، أَو هو من باب الاكتفاء؛ لأَن الإِنذار يلزمه التبشير.
٣ - (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ):
أَي: واخصص ربك ومالكك ومتولى أَمرك بالتكبير: وهو وصفه تعالى بالكبرياءِ، والعظمة اعتقادًا وقولًا.