للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَبدا، وعن قتادة أَنهم قصدوا بهذه العشر مدة لبثهم في الدنيا، استقصارا لها لزوالها وتأسفهم عليها بعد أن عاينوا الشدائد التي لا غاية لها، وأَيقنوا أنهم استحقوها بسبب إضاعتهم دنياهم القصيرة في قضاء الأوطار واتباع الشهوات: انتهى بتصرف. وفي مجمع البيان عن ابن عباس وقتادة أَنهم قصدوا مدة لبثهم بين النفختين، حيث يمكثون أربعين يوما مرفوعا عنهم العذاب.

١٠٤ - ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا﴾:

نحن أعلم بما يقوله هؤُلاء المتحسرون على ضياع رقادهم أو إقامتهم في دنياهم حين يقول أَحسنهم طريقة في القياس بين ما كانوا فيه وما هم مقبلون عليه. ما لبثتم إِلا يوما واحدا، يريد بذلك حملهم على الندم أَكثر فكأَنه يقول لهم: إن تقدير إقامتنا في القبور أو في الدنيا بعشرة أَيام يعتبر شيئا كثيرا بالنسبة إلى ما نحن مقبلون عليه من الشدائد فما لبثنا أكثر من يوم واحد، ووَصَفَ القرآن قائلَ هذا بأَنه أَمْثَلُهُمْ طريقة لكون ما قاله أَعظم في التنديم، وأقوى في التحسير، وأدل على شدة ما هم مقبلون عليه، ولكل مقام مقال يحسن فيه أكثر من غيره.

﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (١٠٨) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (١٠٩) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾

[المفردات]

﴿يَنْسِفُهَا﴾: يذريها ويطيرها. ﴿فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا﴾: فيتركها سهلا مستويا.

﴿لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾: لا تجد فيها انخفاضًا ولا شيئًا مرتفعا.