هذا إعلام من الله ﵎، بأن ليس على الرسول إلا البلاغ بالطريقة التي بيَّنها له، فأما ما وراء ذلك من حصول الهدى والضلال، والجزاء عليهما، فإِلى الله تعالى وحده، فإِنه هو العليم بمن يبقى على الضلال، وهو العليم بمن يهتدى إِلى ربه، فيجازى كلا بما يستحقه، طبقًا لما اختاره لنفسه.
وتقديم الضالين في قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ لأَن الكلام فيهم، وإيراد الضلال بصيغة الفعل الدال على الحدوث، لأن الضلال تغيير لفطرة الله التي فطر الناس عليها، وذلك أَمر عارض، بخلاف الاهتداء فإنه ثبات على الفطرة، فلذا جئ به على صيغة الاسم المنبئ عن الثبات، ولا يخفى ما في التعرض لعنوان الربوبية مع الإِضافة إلى ضميره ﷺ، من اللطف والعناية.