﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ أي: جعلنا لهم سلطانًا وقدرة على التصرف في الذي ما مكناكم فيه ولا سخرناه لكم.
﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ أي: لم تنفعهم تلك الحواس أي نفع في دفع العذاب عنهم؛ حيث أهملوا الانتفاع بها فانغمسوا في الضلال.
﴿إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ أي: يكفرون بها.
﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أي: أحاط بهم العذاب الذي كانوا يستعجلونه استهزاءً به.
﴿وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ﴾ أي: كررنا الحجج والدلالات لكي يرجعوا عن كفرهم.
﴿قُرْبَانًا آلِهَةً﴾ القربان: كل ما يتقرب به إلى الله - تعالى - من طاعة ونسيكة - قاله الكسائي - وجمعه: قرابين، أي: اتخذوا الآلهة متقربًا بها إلى الله - تعالى -.
﴿بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ﴾ أي: غابوا عن نصرتهم.
﴿وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أي: وضلال آلهتهم عنهم وامتناع نصرتهم إياهم هو دليل كذبهم وافترائهم في قولهم: إنها تقربهم إلى الله زلفى.
خطاب لأهل مكة على سبيل التهديد، والمعنى: ولقد مكنا الأمم السابقة في الدنيا وأعطيناهم من القوة والسعة وطول الأعمار وسائر التصرفات ما لم نعطكم مثله يا أهل مكة، وجعلنا لهم سمعًا وأبصارا وأفئدة ليستعملوها فيما جعلها الله له فيعرفوا بكل منها مختلف النعم التي يستدلون بها على شئون الخالق المنعم ﷿ في تفضله عليهم فيؤمنون به ويداومون على شكره. ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ أي: أنها لم تغن عنهم أي شيء من الإغناء، ولم تُذهب عنهم شيئًا من عذاب الله،