للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٨٨ - ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ﴾:

نظر فيها كما كانوا يفعلون في تعرف أَحوالهم، فأَوهمهم من تلك الجهة، وأَراهم من معتقداتهم عذرا لنفسه.

والمعنى: فنظر إبراهيم حين دعاه قومه للخروج معهم في عيدهم للعب واللهو والسمر - نظر في النجوم - يوهم قومه أَنه يستنبئها - ويستطلع الرأْي من حركاتها ومطالعها ليريهم عذرا لنفسه في عدم خروجه معهم في عيدهم مأْخوذا من معتقداتهم.

٨٩ - ﴿فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾:

أَي: فقالَ إبراهيم حين نظر إلى النجم: إني مريض عليل، يقصد أَنه مريض القلب من عبادتهم لغير الله - تعالى -، وإن كان ظاهره الاعتذار عن عدم الخروج معهم لمرضه، وعلى هذا يكون قوله: إني سقيم من المعاريض على نحو ما ذكر في سورة الأَنبياءِ.

وقيل: كانت له حُمَّى لها نوبة معينة في بعض ساعات الليل، فنظر ليعرف هل هي تلك الساعة، فإِذا هي قد حضرت، وكان صادقًا في ذلك؛ لأَن نوبات الحمى لا تتخلف عادة، قال المتنبى في شأْن الحمى واعتياد أَوقاتها:

وزائرتي كأَن بها حياء … فليس تزور إِلا في الظلام

بذلت لها المطارف والحشايا … فعافتها وباتت في عظامي

٩٠ - ﴿فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ﴾

أَي: فأَعرض قومه عنه وتركوه راجعين خائفين من عدوى المرض مسرعين إلى عيدهم حين أَخبرهم بأَنه سقيم، ولوح لهم بالمرض.

وهكذا احتال في عدم خروجه معهم بما لم يقنعهم بعذره فحسب، بل بما حملهم على الفرار وإجلاء المكان منهم ليفعل بأصنامهم ما شاء.