والمعنى: ولقد أَرسلنا رسلا كثيرين من قبلك أَيها الرسول شأْنهم كشأْنك، حيث جعلنا لهم أَزواجًا كثيرات وذرية كثيرة، فلست في ذلك بدعًا من الرسل.
وحين قالوا: لو كان رسولا لجاءَ بالآيات التي طلبناها منه. رد الله عليهم بقوله سبحانه:(وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ): أَي ليس في وسع رسول من الرسل أَن يأْتى بمعجزة وفق ما يقترحه قومه إِلا متى شاءَ الله، فهو وحده يحكم ما يشاءُ ويفعل ما يريد. ثم بين الله سبحانه الحكمة في تغيير الشرائع بقوله جل شأنه:
(لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ): أَي لكل وقت من الزمان شرع كتبه الله يناب حال أَهله. وينتهى بانتهاءِ الحاجة إِلى هذا الشرع، فِإن الشرائع كلها لإِصلاح أَحوال العباد في المبدأ والمعاد، ويترتب على ذلك أَن الشريعة تختلف على حسب اختلاف أَحوال الناس التي تتغير بتغير الأَوقات وتتابع الأَزمان والأَجيال. ومثل ذلك كمثل اختلاف العلاج باختلاف أَحوال المرضى وبحسب الأَوقات.
أَي يمحو الله ما يشاءُ من الشرائع بالنسخ، ويبقى ما يشاءُ منها ثابتًا كما هو فلا ينسخه ولا يبدله، أَو يَأْتى بشرع جديد مكان شرع سابق ينسخه به، فإِن الحكمة تقتضى أَن ينسخ الله ما يشاءُ أَن ينسخه من الأَحكام والشرائع بحسب الوقت ويثبت بدله أَو يبقيه على حاله من غير نسخ، لأَن الشرائع كلها لأَصلاح أَحوال العباد في المبدأ والمعاد.