بعد أن بين الله أحداث أُحد، وأسرار المنافقين فيها، وأمر المسلمين بالتقوى - شرع يحض المسلمين على بذل المال في سبيل الله، فإنه من أهم أسباب التقوى والوقاية من مكائد المشركين: الذين عرفوا جِدّهم في القضاء على الإسلام والمسلمين، وبين لهم عاقبة البخل في البذل.
والمعنى: ولا يظنن الذين يبخلون في سبيل الله، بما أعطاهم الله من فضله من المال، فلا يبذلونه في إعداد أسباب القوة والغلبة على الأعداء، ولا ينفقونه على الفقراء، وفي سبيل الخير - لا يحسبوا ذلك البخل خيراً لهم، ونفعاً يعود عليهم. بل هو شر كبير لهم. فإنهم سيضعفون أمام أعدائهم، لعدم إعدادهم العدة للقائهم. كما أنه يورث الحقد في قلوب الفقراء، ويبعثهم على الإخلال بالأمن، ويغريهم بالنهب والسلب، والسرقة والقتل، لمن منعوا عنهم حق الله فيما آتاهم الله من فضله. فضلاً عما ينتظرهم من عقوبة في الآخرة: بينها الله بقوله:
أي: سيجعل الله المال الذي بخلوا به عن وجوهه المشروعة، طوقاً في أعناقهم يوم القيامة.
وفي ذلك يروي البخاري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان، يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه، يقول: أنا مالك، أنا كنزك. ثم تلا هذه الآية: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ … ﴾ الآية.