هذه الآية مستأْنفة لإِقامة الدليل على إِمكان البعث، وإلزام المجادلين فيه الحجة، بعد أَن حكت الآيتان السابقتان جدالهم في شئون الله ومنها البعث، وأَنهم في جدالهم يتبعون كل شيطان مريد، يضلُّهم ويسوقهم إِلى عذاب السعير.
فالمراد من الناس في الآية: المجادلون في البعث المنكرون له، والتعبير عن اعتقادهم فيه بالريب والشك مع أَنهم جازمون بعدم إِمكانه فضلا عن عدم وقوعه، للإِيذان بأَن أَقصى ما يحتمل صدوره ممن لم يشاهد البعث هو الشك في أَمره، وهذا يزيله البرهان التالى، أَما: ما هم عليه من الإِنكار الجازم المصحوب بالمكابرة والعناد، فخارج عن دائرة الاحتمال.
وخلقهم من تراب إِما في ضمن خلق أبيهم آدم، وإِما لأَنهم مخلوقون من النطف وأَصلها التراب، فإِنها ناشئة عن الغذاءِ الذي تغذى به الوالدان، والغذاءُ أَصله التراب.
والمراد من النطفة هنا: ماءُ الرجل والمرأَة مجتمعين، ففي ماءِ الرجل الحيوانات المنوية وفي ماءِ المرأَة البويضة (١) فإِن الجنين يتولد من الماءَين، ولذا يشبه الولد أَبويه، فإِذا حصل اللقاءُ بين الرجل والمرأَة، التقى الماءان في القناة التي بين الرحم والمبيضين، فيحصل