للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٦٤ - ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ. . .﴾ الآية.

لا زال الحديثُ متصلًا في بيان جرائم اليهود، وما استوجبوه من الإهانة والذل في الدنيا، والعذاب في الآخرة.

فقد جاءت هذه الآية، تتحدث عن نوع آخر من أَشنع جرائمهم.

قال ابن عباس وعكرمة والضحاك: "إن اللهَ وسَّعَ عَلَى اليَهُودِ في الدُّنْيَا، حَتى كَانُوا أكْثَرَ الناسِ مَالًا. فَلَمَّا عَصَوُا اللهَ، وَكَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ وَكذَّبُوه، ضَيَّقَ اللهُ عَلَيْهِمْ في زَمَنِهِ ، فقال فنحاص بن عازوراء ومن معه - من يهود - يد اللهِ مغلولةٌ. فأنزل الله هذه الآية:

﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾:

مغلولة أي: مقبوضة بالعطاءِ. كناية عن البخل والإمساك.

أَي: إِن الله بخيلٌ علينا بما عنده من المال والعطاء والرزق. أَو المراد بهذا: أَنه فقير، لا يجد ما يعطيه لنا، ليتفق مع ما حكاه القرآن عنهم في قوله تعالى: ﴿ … إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ … ﴾ (١) وقد عاقب الله هؤُلاء اليهود بعقاب من جنس عملهم، جزاءً وفاقا حين قال عنهم:

﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾:

والمراد إلصاقهم بالبخل والنكد، والمسكنة والعجز، والطرد من رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة. والبعدِ عن رضوانه. بسبب قولهم: ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾.

وكما يراد منه الدعاء عليهم بالبخل والعجز، يجوز أَن يكون المراد به الدعاء عليهم: أن تُقَيَّدَ أَيديهم في الدنيا حقيقة. بأخذهم أَسارى، ويوم القيامة يسحبون في النار على وجوههم بأغلالهم.


(١) آل عمران، من الآية: ١٨١