وقد اشتركت السورتان في إقامة معالم التوحيد وتجلية آياته إِلى غير ذلك من المناسبات.
[مقدمة السورة]
افتتحت هذه السورة الكريمة بوصف القرآن الكريم، بأنه الكتاب الحكيم، وبيان أنه لا عجب في أَن ينزل الله الوحى على رجل من البشر لينذرهم بالعقوبة إن ظلوا كافرين، ويبشرهم بالمثوبة إن استجابوا مؤمنين، ثم تلا ذلك بيان أنه تعالى: أَبدع السموات والأَرض في ستة أَيام، وأنه لا شفيع إلا بإِذنه وأن المرجع إليه بعد الموت فكما بدأ الخلق يعيده، ثم ذكر الله بعد ذلك بعض آياته الكونية وما اشتملت عليه من المنافع لخلقه، ثم حذر من الاطمئنان إلى الحياة الدنيا والغفلة عن آياته، وانذرهم بقوله: ﴿أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾. وبشر المؤمنين بجنات النعيم بقوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
ثم بين أنه تعالى أهلك القرون السابقة لكفرهم وجعل المعاصرين للرسول ﷺ خلفاءَ في الأرض من بعدهم لينظر كيف يعملون.
ثم ذكر تبجيح المشركين بطلبهم أن يأَتيهم الرسول بقرآن غير هذا أو يبدله، فأمر رسوله بأن يقول لهم: إن ذلك ليس من شأْنه فإنه يتبع ما يوحى إليه، وأَنه لبث فيهم عمرا وهو معروف بينهم بالصدق والأمانة فكيف لا يعقلون أَن مثله لا يفترى على الله.