للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٩٤ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ … ﴾ الآية.

بعد أَن سبق النهي عن تحريم ما أحل الله تعالى من الطيبات، ثم استثنى الله الخمر والميسر.

استثنى هنا مما يحل: الصيد في حال الإِحرام. وأوجب جزاءً على قتله. وأوضح أن صيد البحر وطعامه حلال.

سبب النزول:

نزلت هذه الآية، عام الحديبية، حين أحرم رسول الله وأصحابه. وكانوا أَلفا وأَربعمائة: أَحرموا بالعمرة من ذي الحليفة. وأرسل النبي ، عثمانَ لأَهل مكة بخبرهم: أَن رسولَ الله ، قاصدٌ زيارةَ بيتِ الله، فجلسوا ينتظرون عثمان. فكانت وحوش البر والطيور تأتي إليهم من كل فج. فنزلت هذه الآية.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾:

والمعنى: يَأَيُّها الّذِينَ آمَنُوا ليختبرَنكم الله - وأنتم محرمون - ببعضٍ من الصيد، يسهل عليكم تناوله، بحيث تناله أَيديكم ورماحكم.

﴿لِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾:

ليعلم الله - علمًا كاشفا - مَن يخافه ويخشاه فينفذ أَوامره ويجتنب نواهيه وهو لا يرى الله سبحانه لقوة إِيمانه. والمقصود بالعلم: العلم التنجيزي الواقعي - أَي العلم الكاشف فإنه تعالى قد عَلِمَ أزلا ما سوف يكون عليه حال عباده في سِرِّهِم وجهرهم.

(فَمَنِ اعْتَدَى): فاصطاد.

(بَعْدَ ذَلِكَ): أي بعد الابتلاء.

(فَلَهُ عَذَاب أَلِيمٌ): أَي شديد الإيلام. لأَن من لا يملك نفسه - في هذا الموطن ولا يرعى جانب الله ولا يخشاه - كيف يكون حاله وشأنه فيما هو أَشد من هذا الابتلاء، مما تكون النفس إِليه أميل. وعليه أَحرص؟!