بعد أَن سبق النهي عن تحريم ما أحل الله تعالى من الطيبات، ثم استثنى الله الخمر والميسر.
استثنى هنا مما يحل: الصيد في حال الإِحرام. وأوجب جزاءً على قتله. وأوضح أن صيد البحر وطعامه حلال.
سبب النزول:
نزلت هذه الآية، عام الحديبية، حين أحرم رسول الله ﷺ وأصحابه. وكانوا أَلفا وأَربعمائة: أَحرموا بالعمرة من ذي الحليفة. وأرسل النبي ﵇، عثمانَ لأَهل مكة بخبرهم: أَن رسولَ الله ﷺ، قاصدٌ زيارةَ بيتِ الله، فجلسوا ينتظرون عثمان. فكانت وحوش البر والطيور تأتي إليهم من كل فج. فنزلت هذه الآية.
والمعنى: يَأَيُّها الّذِينَ آمَنُوا ليختبرَنكم الله - وأنتم محرمون - ببعضٍ من الصيد، يسهل عليكم تناوله، بحيث تناله أَيديكم ورماحكم.
﴿لِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾:
ليعلم الله - علمًا كاشفا - مَن يخافه ويخشاه فينفذ أَوامره ويجتنب نواهيه وهو لا يرى الله سبحانه لقوة إِيمانه. والمقصود بالعلم: العلم التنجيزي الواقعي - أَي العلم الكاشف فإنه تعالى قد عَلِمَ أزلا ما سوف يكون عليه حال عباده في سِرِّهِم وجهرهم.
(فَمَنِ اعْتَدَى): فاصطاد.
(بَعْدَ ذَلِكَ): أي بعد الابتلاء.
(فَلَهُ عَذَاب أَلِيمٌ): أَي شديد الإيلام. لأَن من لا يملك نفسه - في هذا الموطن ولا يرعى جانب الله ولا يخشاه - كيف يكون حاله وشأنه فيما هو أَشد من هذا الابتلاء، مما تكون النفس إِليه أميل. وعليه أَحرص؟!