للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: أنه إذا كانت الحرمات، أي الأُمور التي تجب المحافظة عليها، يجري فيها القصاص، بحكم الشرائع والعقول، فإن لكم الحق في أن تدفعوا اعتداء من اعتدى عليكم بمثل عدوانه.

والأمر في قوله: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ}. للإباحة. إذ العفو الذي لا يضر المسلمين جائز.

وقد استدل الشافعي - رضي الله عنه - بهذه الآية، على وجوب القصاص بمثل ما ارتكبه الجاني من ذبح وحرق وتجويع وإغراق، حتى لو ألقاه العدو في ماءٍ عذب، ألقاه في ماءٍ عذب مثله، ولم يلقه في ماءٍ مالح.

واستدل به أيضًا على أن من غصب شيئًا وأتلفه يلزم برد مثله: ثم إن المثل قد يكون بالصورة في ذوات الأمثال، وقد يكون بالقيمة فيما لا مثل له.

وبما أن الآية وردت في القتال، وشرعت المماثلة في الاعتداءِ، فلهذا يكون مشروعًا: أن الأعداء استعملوا الغارات الجوية، أو حرب الجراثيم، أو المتفجرات النووية، على المدن المفتوحة، فالمقابلة بالمثل واجبة شرعًا.

{وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (١).

وسمّى صَدّ العدوان عدوانًا، من باب المشاكلة، مثل قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} (٢).

وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (٣).

{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}: انتهت الآية بطلب التقوى من المؤمنين، كما هو الشأن في آيات الأحكام، وطلب التقوى منهم في القتال أشد وآكد منه في سواه، لتعلقه بالأرواح وَبِمَنْ وراءَ المقاتلين من أهليهم وأموالهم.

فهي من آداب القتال الهامة في الإسلام.

والله مع المتقين بالنصر والتأييد ودفع كيد الأعداء.


(١) سورة النحل: ٣٣.
(٢) التوبة: ٦٧.
(٣) الشورى: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>