ورغدا، ﴿بُعْدًا﴾: هلاكا، يقال: بَعِد بكسر العين يبْعَد بفتحها من باب طرب يطرب: بمعنى هلك، وأما بَعُد بالضم فمعناه ضد قرب.
[التفسير]
٩٤ - ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ … ﴾ الآية.
بعد أن هددهم شعيب وأوعدهم جاءت هذه الآية تحقيقا لوعيده لهم.
والمعنى: ولما جاءَ أمرنا بعذابهم نجينا رسولنا شعيبا والذين آمنوا به وصدقوه، واتبعوه بسبب رحمة منا عظيمة شاملة إذ وفقناهم للإيمان الصادق والطاعة الخالصة ففازوا بالنجاة من الهلاك.
﴿وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾:
أي وأخذت الصيحةُ الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي من قوم شعيب.
﴿فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾:
أي فأصبحوا من شدتها ميتين خامدين في أماكنهم، وهذه الصيحة هي التي عبر عنها في سورتي الأعراف والعنكبوت (بالرجفة) أَي الزلزلة ولعل الصيحة من روادف الرجفة، فإن الزلزلة تحدث تموجا في الهواء، يترتب عليه صفير وصباح، فلذا سميت بالصيحة، وقبل صاح بهم جبريل فهلكوا.
٩٥ - ﴿كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾:
أي كأنهم لم يقيموا في هذه الديار، ولم ينعموا بها ولم يتقلبوا في خيراتها وبركاتها، فقد ذهب ما كانوا يعتزون به، ولم يبق لهم إِلا ما قدموه لأنفسهم مما استحقوا به العذاب والإبعاد من رحمة الله.
﴿أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾:
أي ألا هلاكا لم كما هلك سابقوهم وهم ثمود قوم صالح، وإِنما شبه هلاكهم بهلاك ثمود لأن عذاب كليهما كان بالصيحة، قال ابن عباس: ما أَهلك الله أمتين بعذاب واحد إلا قوم صالح وقوم شعيب، غير أَن قوم صالح أخذتهم الصيحة من تحتهم، وقوم شعيب أَخذتهم الصيحة من فوقهم اهـ.
ويستفاد من قصة أهل مدين قوم شعيب ما يلي: